وسط الحرب الباردة.. الانشقاقات تعصف بقوات قسد

آخر تحديث: 3 ديسمبر، 2025

الوقت اللازم للقراءة:

3 mins

خلال الأيام الماضية شهدت عدة مناطق في الجزيرة وشرقي حلب عمليات هروب جماعي للعشرات من عناصر قسد نحو المناطق التي تسيطر عليها القوات الحكومية، وبحسب وكالة “نهر ميديا” فقد انشق نحو 130 عنصراً عن صفوف قسد، وبحسب المصدر فإن جميع العناصر الهاربين هم من أبناء المكوّن العربي وينحدرون من مناطق دير الزور ودير حافر والحسكة والرقة، ما يعكس الاضطرابات التي تعيشها ميليشيا قسد، وسط تصاعد التوتر بين المقاتلين العرب وقيادات “قسد” خلال الفترة الأخيرة.

موجة الانشقاقات هذه ليست بجديدة على الميليشيا، فهي لا تتوقف أصلاً وباتت متواصلة، تارةً على شاكلة انشقاقات فردية، وتارةً أخرى تشهد صفوف الميليشيا انشقاقات جماعية. 

 وآخر تلك الانشقاقات الكبيرة كانت تلك التي حصلت بعد سقوط النظام مباشرةً، حيث شهدت هيكلية قوات مجلس دير الزور العسكري التابع لـ قسد انهياراً كبيراً حيث تجاوز عدد المنشقين من صفوفه أكثر من 500 عنصر وقيادي خلال الفترة الممتدة بين 08 كانون الأول لغاية 20 من ذات الشهر وفق مصادر محلية، بالتوازي مع انشقاق العشرات كذلك من قوات “مجلس الطبقة العسكري” التابع لـقسد.

وكان من أبرز الانشقاقات آنذاك انشقاق القيادي “تركي ضاري أبو الليث خشام” وهو الناطق الرسمي باسم مجلس دير الزور وقائد قوات ساحة الكسرة. حيث ظهر في تسجيل مصور بتاريخ 12 كانون الأول مُعلناً انشقاقه ومطالباً التحالف الدولي بوقف دعم قسد بسبب “انتهاكاتها بحق المدنيين” في دير الزور والرقة حسب وصفه حينها. سبقه بيوم إعلان “موسى الصلاح” قائد قوات ساحة البصيرة العسكرية، انشقاقه، كما انشق رئيس الأمن الداخلي في منطقة البصيرة محمد الأحمد بتاريخ 16 ديسمبر.

وتزامنت تلك الانشقاقات حينها مع صعود مطالبات بحراك شعبي في الجزيرة داعم لـ قوات “ردع العدوان” التي دخلت دمشق، ومطالبةً باستكمال سيطرتها على كافة الأراضي السورية، بما في ذلك مناطق الجزيرة التي تسيطر عليها “قسد”.

في ذات السياق تعتمد قسد على عدة إجراءات للحد من الانشقاقات في صفوفها، مثل اعتقال عوائل العناصر المنشقين وتهديد ذويهم، ومساومتهم على حياتهم مقابل تسليم المنشقين لأنفسهم، ووثقت شبكات محلية عديد عمليات التصفية بحق أعداد من العناصر المنشقين والذين قبضت عليهم الميليشيا. وكذلك باتت تعتمد على تقليل الإجازات الممنوحة للعناصر العرب، وتمديد فترة تسليم رواتبهم. وبعد الفترة التي تلت سقوط النظام باتت قسد تعتمد على استقطاب فلول النظام وتجنيدهم في صفوفها، ونشرهم في المناطق الرئيسية لديها، مقابل اعتماد أقل على العناصر العرب في المناطق الحساسة والمهمة، بالذات تلك التي تقع على خطوط التماس مع القوات الحكومية.

وتعود كثرة الانشقاقات عن صفوف قسد لعدة عوامل على رأسها خشية العنصر العربي من اندلاع حرب وشيكة بين قسد والجيش السوري، وثانياً زيادة الاحتقان ضمن منظومة قسد العسكرية بين القيادات الكردية والعناصر العربية، وثالثاً زيادة العناصر التي كانت مع جيش النظام البائد ضمن قوات قسد مما خلق إشكالية لدى فئة كبيرة من العناصر العربية المجندة ضمن قسد، حيث وضعتهم قسد جنباً لجنب في خندق واحد مع عناصر النظام البائد. 

وأخيراً وضوح مساعي قسد الحقيقية الرامية لإقامة كيان انفصالي قومي عابر للحدود تحت مسميات فضفاضة لا تمت للواقع بصلة. كل هذه الأسباب باتت تزيد نفور المقاتلين العرب من قسد، بل أدت كذلك لفعل مشابه لدى قسد وهو بداية التوجس كذلك من العنصر العربي في صفوفها، وهو ما يفسر قيامها مؤخراً بعمليات اعتقال واسعة طالت قيادات عربية في صفوفها، مثلما حصل في الأيام الماضية باعتقال قادة من مجلس الطبقة ودير الزور العسكريين.

وبحسب مصادر لوكالة نهر ميديا فإن حصيلة الهروب والانشقاقات بلغت 3,264 مقاتلًا منذ أيلول 2025 وحتى اليوم، منهم 348 مقاتلا سلّموا أنفسهم للسلطات السورية، و 236 عنصراً تمّ إيداعهم السجن للتحقيق حول ظروف فرارهم أو تخلّفهم. 

كما تشير البيانات أن 80,458 شخصاً مسجلون كمتخلفين عن أداء واجب “الدفاع الذاتي” في مناطق سيطرة قسد.

وتشير هذه الأرقام إلى تزايد واضح في معدلات الهروب والانشقاقات، وسط حديث عن تراجع الرواتب، يشار إلى أن قيادة قسد أصدرت عفواً عن المنشقين عن صفوفها، قبل عدة أيام.