عام من الحكم وزيارة واشنطن

الوقت اللازم للقراءة:
2 minsعامٌ من الحكم وزيارة واشنطن
أعلن المبعوث الأميركي إلى سوريا توم باراك أن الرئيس السوري أحمد الشرع سيزور واشنطن في 10 تشرين الثاني 2025، في أول زيارة لرئيس سوري إلى العاصمة الأميركية في تاريخ الدولة السورية.
الزيارة تجري بدعوة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومن المقرر أن تتناول توقيع اتفاق لانضمام سوريا إلى التحالف الدولي ضد تنظيم داعش. ويُضاف إلى ذلك عقد جولة من المباحثات بين دمشق و الاحتلال الإسرائيلي برعاية أميركية، كما أخبر باراك موقع أكسيوس.
يأتي اللقاء بعد عام على سقوط نظام الأسد وتحرير البلاد، وفي لحظة اقتصادية وسياسيّة مفصلية. فالشركات الخليجية والدولية تستعد لاستثمار مليارات الدولارات في مشاريع الطاقة والبنية التحتية السورية، بانتظار رفع العقوبات الأميركية بنهاية العام الجاري، بحسب تقريرٍ لرويترز، بعد أن عبّرت الإدارة الأمريكية عن دعمها لإلغاء قانون قيصر الموروث من مرحلة نظام الأسد.
تُقرأ زيارة الشرع كلحظة تتويج لمسارٍ سياسي طويل بدأ مع التحرير. فالحكومة السورية اتبعت خلال العام المنصرم نهجاً مزدوجاً: دبلوماسية تفاوضية مع الاحتلال الإسرائيلي بإشراف أميركي، وحوار داخلي مع قسد حول الاندماج.
في المقابل، دفعت ثمنا واضحا لهذا الانفتاح: تثبيت وجود إسرائيل في الجنوب مؤقّتاً، وإبقاء ملف قسد مفتوحاً، مع استمرار تهجير نسبة كبيرة من سكان الجزيرة السورية من مناطقهم واستمرار الانتهاكات بحق السوريين عرباً وكرداً.
يحمل الانضمام المرتقب إلى التحالف الدولي ضد داعش دلالات عسكرية وسياسية في آن واحد. فهو يعني فعلياً سحب الغطاء الدولي من قسد التي استندت طوال سنوات إلى الدعم الأميركي لتثبيت نفوذها بذريعة محاربة الإرهاب. دخول دمشق إلى التحالف من موقع الدولة لا الميليشيا يبدّل موازين القوى في الشرق السوري، ويضع قسد أمام خيار الاندماج ولا شيء غيره، ويُضاف إلى ذلك أن الحكومة الأمريكية مستمرةٌ في تقليص ميزانيتها السنوية المخصّصة لدعم قسد عاماً بعد عام، مع دنو نهاية العام الذي ينتهي معه أجل اتفاق 10 آذار. وفي الوقت نفسه، تقدّم به الإدارة الأمريكية نفسها على قدرتها على الحسم السريع لملفات الحروب. ولهذا فالوقت هو عاملٌ حسّاس لجميع الأطراف المعنية.
سياسياً، تحمل الزيارة بعداً رمزياً كأول زيارة لرئيس سوري إلى واشنطن؛ بعد أن بقيت العلاقات بين دمشق وواشنطن رهينة العداء منذ حرب 1967. إلا أن رمزية الحدث لا تكفي لقياس أثره، فما بعد الزيارة هو ما سيحدّد قيمتها: هل ينسحب الاحتلال الإسرائيلي من الجنوب كما يُروّج؟ هل تُدمج قسد ضمن مؤسسات الدولة؟ وهل يلمس السوريون تحسّناً في معيشتهم بعد عقودٍ من عقوباتٍ سبّبها نظام الأسد والمستمرة بلا سبب؟
الإجابة على هذه الأسئلة – ولعل هذه الزيارة تختزل جزءً كبيراً منها – هي مضمون مفصلي لتقييم نجاعة مسار الحكومة السورية الحالية في عامها الأول من الحكم.
