اندماجٌ على حافة النار

الوقت اللازم للقراءة:
2 minsفي أعقاب هدنة حلب مطلع تشرين الأول، عاد ملف إدماج قوات قسد في الجيش السوري إلى الواجهة مع تسارعٍ لافتٍ في التطوّرات.
ما آخر التطوّرات؟
في مقابلةٍ مع «أسوشييتد برس» يوم الخميس 16 تشرين الأول، أعلن القيادي في قسد مظلوم عبدي التوصّل لتفاهم «مبدئي» على آلية اندماج تجعل عشرات الآلاف من مقاتلي قسد – ومعهم قوى الأمن الداخلي- الذين سينضمون، كما يزعم عبدي، كتشكيلات متماسكة تُنظَّم وفق قواعد وزارة الدفاع، عبر لجنة مشتركة تُحدّد خطوات التنفيذ. وأشار إلى توقع إسناد مناصب لعناصر وقيادات من قسد داخل الوزارة والقيادة استناداً إلى الخبرة والخدمة.
وبُعيد ذلك مباشرة، نقل «تلفزيون سوريا» روايةٍ مغايرةٍ على لسانِ مصدرٍ عسكريٍّ سوريٍّ: «الانضمام إلى الجيش العربي السوري يحتاج للعديد من المقومات وهو ليس مكانا للتجارب… بناءُ الجيش يتم وفق خطة زمنية وخطوات متسارعة وضمن توجيهات قيادية مباشرة»، في مقاربة تُدرج ملف الاندماج ضمن إطار «بناء الجيش».
اليوم السبت 18 تشرين الأول، وضعَ عضو القيادة العامة وعضو لجنة التفاوض سيبان حمو محدِّداتٍ أوضح: إتمام الدمج مشروط بـ«الشراكة الحقيقية» وتمثيل مكوّنات الشمال الشرقي في مسارات الحوار وصوغ الدستور والقوانين وتشكيل الحكومة؛ مع استعداد قسد للانضمام إلى «الجيش السوري» الجديد على أسس احترام الهوية والتشاركية ومنع الإقصاء. وربط وتيرة الدمج-تسريعاً أو تباطئاً-بخطوات دمشق المقبلة تجاه حقوق جميع المكوّنات.
على الضفة المقابلة، أفادت «بلومبرغ»، في تقريرٍ لها نُشر بتاريخ 17 تشرين الأول، أنّ تركيا تضع اللمسات الأخيرة على اتفاق مع دمشق تقوم بموجبه بتزويد دمشق بعتادٍ عسكري يشمل عربات مدرّعة ومسيّرات ومدفيع وصواريخ ومنظومات دفاع جوي، مقابل سماح دمشق لأنقرة بزيادة عمقها الأمني داخل سوريا من 5 كم إلى 30 كم، بحسب مسؤولين أتراك فضّلوا عدم الإفصاح عن اسمهم. وأكّد المسؤولون أنّ هذه المعدات ستتمركز على الحدود الشمالية تفادياً لتفاقم التوتّر مع الاحتلال الإسرائيلي الذي يستمر بانتهاك الأراضي السورية منذ 10 كانون الأول 2024.

سبق ذلك إعلان وقفٍ شاملٍ لإطلاق النار في 7 تشرين الأول لاحتواء توترٍ انفجر في أحياءٍ تسيطر عليها قسد في مدينة حلب، في خطوة قرأتها أوساطٌ عدّة كتهيئةٍ للأرضية الإجرائية لمسار الاندماج المتعطّل.
قراءة المشهد تُظهر ملفَّ الاندماج بوصفه مظلّة تفاوضية تعتمدها قسد لحماية كتلتها وقرارها شرق الفرات عبر شعار «الشراكة» وتمثيل المكوّنات، بما يُطيل الإمساك بمفاتيح النفوذ والموارد فيما تسعى أنقرة هي الأخرى إلى ضمان مصالحها بترتيبات مع دمشق. أما دمشق فيبدو أن أولويتها هي ترسيخ منطق استعادة مركزية القرار العسكري وبسط سيطرة الدولة.
وبين ضغط الميدان وحدود السياسة تميل قسد إلى رفع مطالبها حدّ التعجيز لتكسب وقتاً أطول في عمرها وتؤخّر أي انخراط مؤسسي حقيقي، قبل أن تُحاصرها أسوارُ الثلاثين كيلومتراً في مساحةٍ يحكمها إيقاعُ الميدان وحافةُ النار.
