ماذا بعد إزالة قانون قيصر؟

الوقت اللازم للقراءة:
2 minsبعد سنوات قاسية عاشها السوريون تحت ثقل العقوبات الاقتصادية الخانقة وضيق الخيارات المعيشية، يلوح أمل جديد يفتح الملف الاقتصادي عقب إقرار مجلس النواب الأميركي مشروع قانون تفويض الدفاع الوطني (NDAA)، متضمّناً بنداً يقضي بإلغاء عقوبات «قيصر» المفروضة على سوريا.
وقد حصل مشروع إلغاء العقوبات على 312 صوتاً مؤيداً مقابل 112 معارضاً في مجلس النواب، ومع أنّ هذه الخطوة لا تعني إلغاء القانون تماماً، إلا أنّها ذات أهمية كبرى بالنظر إلى أن إنجازها يعني تجاوز أهم العوائق التي وقفت في طريق إلغاء القانون رسمياً.
في تقييم للأثر المباشر لهذا الإلغاء، يرى يمان زباد، الباحث في المركز العربي لدراسات سورية المعاصرة، في تصريحات لمنصة وتد أن رفع عقوبات قيصر يشكّل «خطوة نظرية مهمة على صعيد المواطن السوري وأيضاً الدولة السورية». لكن الطريق نحو التعافي الاقتصادي الفعلي لا يزال مليئاً بالتحديات، إذ يشدّد زباد على أن الإلغاء التشريعي يجب أن يتبعه إصلاحات هيكلية داخلية. التحدي الأبرز يكمن في استعادة الثقة المصرفية الدولية، حيث يتبقى «خطوات عملية أخرى لها علاقة بإصلاح البيئة الاقتصادية في سورية مثل “الامتثال المصرفي” التي تحتاجه البنوك السورية لكي تستطيع التعامل بسلاسة مع البنوك الخارجية».
وبطبيعة الحال، يبيّن الباحث زباد، «سينعكس ذلك إيجاباً على دخول البضائع عبر زوال قلق التجار من “Chilling Effect” أي الخوف من التعرض للعقوبات أو الملاحقة القانونية في المستقبل».
وفيما يخص المسار السياسي لإتمام الإلغاء، يوضح زباد أن إدراج البند ضمن «قانون تفويض الدفاع الوطني» قد جعل من تجاوز عقبة مجلس النواب «أصعب الخطوات». أما المراحل المتبقية، وهي «تصويت مجلس الشيوخ وتوقيع الرئيس الأميركي، فمن المستبعد أن يرفض مجلس الشيوخ قانون الدفاع أو يعدّله ولكن يبقى الاحتمال وارد بنسبة قليلة» نظراً للطبيعة الضرورية لهذا التشريع السنوي.
إلا أن عزلة سوريا عن المجتمع الدولي لا تقتصر عند قانون قيصر، فيشير زباد إلى وجود قانونين آخرين يجب إلغاؤهما «وبحاجة لآلية مشابهة لآلية إلغاء قانون قيصر، وهما قانون محاسبة سورية واستعادة السيادة اللبنانية، وإلغاء تصنيف سورية كدولة داعمة للإرهاب».
وفي الختام، يرى زباد أن الحكومة السورية يمكن لها استثمار هذه الفرصة، في «محورين: الأول خارجي متعلّق بتشجيع المستثمرين عبر شرح المساحات التي فُتِحت اقتصادياً في سورية بعد إلغاء قانون قيصر، وداخلياً عبر معرفة نقاط الضعف التي تعيق الاستفادة من هذا الإلغاء، والإعلان عن خطة لتحسين البنية التحتية الاقتصادية ونشر تحديثاتها بشكل دوري».
ويُعدُّ قانون قيصر أحد أقسى العقوبات التي جلبها نظام الأسد على سوريا وشعبها. وقد شملت العقوبات قطاعات واسعة مثل الطاقة والبناء والمصارف، مع تجميد أصول ومنع تعاملات مالية.
وامتد الأثر أيضاً إلى قطاعات التعليم والصحة عبر صعوبات الاستيراد رغم عدم استهدافها مباشرة، ليتقلص حجم التجارة الداخلية والخارجية وينكمش الناتج المحلي، في حصيلة تراكمت عبر سنوات من العزلة الاقتصادية التي فرضتها منظومة العقوبات على البلاد بسبب سلوك نظام الأسد منذ عام 1979 حتى اليوم.
