داعش يعلن الحرب ضد الدولة الجديدة

الوقت اللازم للقراءة:
4 minsتبنى تنظيم الدولة “داعش” أول عملية له ضد الجيش السوري الجديد أمس الاثنين 1 كانون الأول 2025، حيث اغتالت خلاياه جندياً وأصيب آخر في هجوم استهدفهم ببلدة سراقب بريف إدلب، يوم الجمعة الماضية 28 تشرين الثاني المنصرم. وتعد هذه العملية هي الأولى رسمياً التي تستهدف كوادر الجيش السوري منذ إسقاط نظام الأسد البائد.
الهجوم لم يكن وحيداً، بل جاء ضمن سلسلة عمليات هي الأولى من نوعها في مناطق سيطرة الحكومة السورية، وتبناها تنظيم الدولة “داعش” في تصعيد خطير من حيث الكم، وقد تكون بداية لعمليات أوسع مستقبلاً.
الهجمات وقعت جميعها يوم الجمعة 28 تشرين الثاني، وبالإضافة لهجوم سراقب تبنى التنظيم كذلك هجومين أخرين الأول في قرية المزرعة بمحافظة حمص، واستهدفت خلايا التنظيم عنصراً سابقاً في جيش النظام البائد، وفي ذات اليوم أيضاً استهدف التنظيم طبيباً بيطرياً في حي التتان بحماة، وكان الرجل مرشحاً سابقاً في مجلس الشعب التابع للنظام البائد، وأسفر الهجوم عن مقتلهِ وإصابة منتسب للأمن السوري كان برفقته أثناء الهجوم.
سبقَ هذه الهجمات الثلاثة عملية اِغتيال في دير الزور طالت عنصراً سابقاً في صفوف ميليشيا قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في 20 تشرين الثاني الماضي، وذلك في مدينة البوكمال شرقي دير الزور، وقال التنظيم في بيان أن الشخص المستهدف هو جاسوس “للنظام السوري الجديد”.
كانت هذه الهجمات الأربعة في تشرين الثاني استكمالاً لعملية سابقة في دير الزور نفذتها خلايا التنظيم في تموز الماضي، وهي أول الهجمات التي تنفذها خلاياه في عهد سوريا الجديدة، واستهدفت شخصاً كان سابقاً في صفوف قسد.
يضاف إليها عمليات سابقة أعنف طالت القوات الحكومية لم يتبناها التنظيم، وسياسة عدم التبني معهودة لدى داعش، ويُلاحَظ في نسق تلك الهجمات أنها كانت تتجنب الصدام المباشر المُعلن ضد الدولة السورية، كونها تطال عناصراً سابقين من قسد ومن نظام الأسد، وصولاً لتاريخ هجوم سراقب والذي يعتبر الأول من نوعه ضد الحكومة السورية الجديدة، ليبدأ تنظيم داعش فصلاً جديداً من عملياته في الداخل السوري.
بعد سقوط نظام الأسد في تشرين الثاني 2024 شهدت البادية الشامية انسحاب مقاتلي تنظيم الدولة (داعش) نحو مناطقهم الأصلية والمناطق الحضرية الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية الجديدة، بينما توجّه المقاتلون الأجانب نحو العراق ولبنان. وقد سهّل هذا التحرك حالة الفراغ الأمني الكبير الذي ساد البلاد إثر عملية إسقاط النظام.
وبالتوازي مع انطلاق عملية “ردع العدوان” شهدت سوريا خمولاً شبه تام في نشاط داعش بمناطق سيطرة الحكومة، استمر حتى 1 أيار 2025 عندما تبنى داعش عملية اغتيال عنصر سابق في قسد في بلدة بقرص شرقي دير الزور حيث كسر التنظيم هذا الخمول بتلك العملية، معلنًا بذلك عن عودة حضوره في الضفة الغربية لنهر الفرات. ومنذ اليوم الأول لعملية ردع العدوان حتى يومنا هذا، يلاحظ التصعيد الإعلامي الحاد في اللهجة الذي يتبناه التنظيم ضد الرئيس أحمد الشرع، عبر صحيفة “النبأ” الأسبوعية التابعة للتنظيم.
ومع نشاط التنظيم في مناطق سيطرة الحكومة يتواصل نشاطه كذلك في مناطق الجزيرة حيث تسيطر ميليشيا قسد وذلك عبر تنفيذ الهجمات الخاطفة التي تستهدف عناصرها والتي باتت روتينية.
يشكل عدم توحد ضفتي نهر الفرات سيطرة الحكومة وقسد عاملًا مساعداً لحرية حركة عناصر داعش بين الجانبين، ومصدر زعزعة لاستقرار البلاد بالعموم، وتواصل حالة البلاد يزيد من المخاطر الأمنية.
يعمل داعش اليوم ضمن مسارين اثنين، الأول محاولة كسب التعاطف والتأييد الشعبي داخل البلاد، خصوصاً ضمن الحاضنة الثوريّة المطالبة بالعدالة والاقتصاص من فلول النظام، والثاني تجنيد أعضاء جدد لصفوفه مستغلاً الدعاية التي يروجها ضد الحكومة السورية، مستهدفاً الشباب والمقاتلين الأجانب الذين قاتلوا في صفوف “هيئة تحرير الشام”، والذين دعاهم غير مرة للانضمام لصفوفه.
من جانبها تحظى الحكومة السورية اليوم بعدة امتيازات قد تكون حاسمة ومهمة في التصدي لاحتواء خطر التنظيم، على رأسها الحاضنة الشعبية الواسعة في سوريا، وثانيها باعٌ طويل في قتال داعش، من خلال تجربة ليست بالقصيرة وامتدت لسنوات ماضية، فالحكومة الحالية مبنية بالمجمل كمنظومة أمنية على هيكلية “هيئة تحرير الشام”، والتي تمكنت من تحييد أجنحة داعش وعملياتها في إدلب، ورغم تغير الحال بعد التحرير وازدياد مساحة المنطقة لأضعاف مقارنة بإدلب فيما مضى، ستكون كذلك جزئية انضمام سوريا للتحالف الدولي حاسمة كذلك ومساعدة لمواجهة داعش.
وكانت القياد الامريكية CENTCOM قد أعلنت في الأول من كانون الأول الجاري
عن تنفيذ أول عملية مشتركة بين “التحالف الدولي” والداخلية السورية بين يومي 24 و 27 تشرين الثاني، حيث حددت 15 موقعاً لداعش بريف دمشق وقامت بتدميرها. وأضاف البيان أن التحالف قد شن غارات جوية دمرت 13 قذيفة هاون إضافة إلى صواريخ، بنادق هجومية متعددة، رشاشات، ألغاماً مضادة للدبابات، ومواد لصنع العبوات الناسفة. وأضاف قائد عملية العزم الصلب براد كوبر قائلا “سنظل يقظين و سنواصل ملاحقة فلول داعش في سوريا بقوة”.
في ذات السياق، أعلنت وزارة الداخلية السورية أمس الأثنين 1 كانون الأول عن تنفيذ عمليتين أمنيّتين نوعيّتين استهدفتا خلايا إرهابية تابعة لتنظيم داعش في كل من منطقة الدانا شمال المحافظة وغربي مدينة إدلب.
أسفرت العمليات عن ضبط أسلحة فردية وذخائر، وأحزمة ناسفة وعبوات متفجرة، كما تم الكشف عن تورط بعض أفراد هذه الخلايا في قتل مدني ودفنه قرب مدينة معرة مصرين.
وخلال العمليات، جرى تحييد عنصرين بعد رفضهما تسليم نفسيهما للقوات الأمنية، فيما أُلقي القبض على باقي أفراد الخلايا بحسب البيان.وتعد هذه هي العملية هي الثامنة عشر منذ سقوط النظام والتي تنفذها السلطات السورية الجديدة ضد التنظيم.

