إعلام مرموق بأقلام صفراء

آخر تحديث: 18 نوفمبر، 2025

الوقت اللازم للقراءة:

2 mins

يخلق تعامل الإعلام الغربي مع الشأن السوري خلال الأشهر الأخيرة أسئلةً أكثر مما يقدّم إجابات، بين المبالغة في التهويل، أو تغييب السياق، أو حتى اختلاق أمورٍ لم تحصل.

مثالٌ بارزٌ على ذلك خبر اعتزام دمشق تسليم 400 مقاتلين من الإيغور للحكومة الصينية، الذي نشرته «فرانس برس» بتاريخ 17 تشرين الثاني 2025، وطبعاً لا يخفى على أحدٍ الحرج الكبير في ذلك في ظلّ المعاملة الوحشية التي يلقاها إخواننا المسلمون من الإيغور على يد الحكومة الصينية. وبعد ساعات، أصدرت «سانا» نفياً سريعاً نقلته عن مصدر في وزارة الخارجية، مع تأكيده أنّ “لا صحة لما أوردته وكالة فرانس برس عن نية الحكومة السورية تسليم مقاتلين (من الأويغور) إلى الصين”.

وبإيقاعٍ مشابه، نشرت «رويترز» في 31 تشرين الأول 2025 تقريراً عن اجتماع مزعوم برئاسة أحمد الشرع تضمّن إجراءات عقابية بحق مقربين منه، بينها مطالبات بتسليم سيارات فارهة. تبعها لاحقاً توضيحات صادرة عن بعض من حضر الاجتماع ينفي ما تمّ ذكره في التقرير .

وفي مطلع تشرين الثاني، ظهرت رواية جديدة دفعتها «نيويورك تايمز» تتحدث عن تعاون سرّي بين الرئيس الشرع – أبو محمد الجولاني قائد هيئة تحرير الشام آنذاك – والتحالف الدولي منذ عام 2016. ليأتي ردّ مديرية الإعلام في الرئاسة السورية مشيرة إلى  إن هذه المزاعم “لا تمتّ إلى الحقيقة بصلة”.

وأضافت المديرية أن الشرع “لم ينسّق أو يتعاون مع أي جهة أجنبية في هذا الإطار”، مؤكدة أنه “لم تصدر عنه أي توجيهات تتعلق بذلك”.

وفي الإطار نفسه، نشر موقع The Media Line تصريحاً منسوباً لوزير العدل مظهر الويس حول «مشروعية التنسيق مع التحالف الدولي». الوزير بدوره نشر عبر منصة X توضيحاً يؤكد فيه أنّ التصريح مختلَق وقال: “أنفي ما تم تداوله عن أي تصريحات منسوبة لي لوسائل إعلامية وأؤكد أنني لم أُجْرِ أي مقابلة ولم أتحدث مع منصة The Media Line أو أي وسيلة إعلامية أخرى بشأن الموضوع المذكور”.

ومع صدور النفي في كل حالة، ومجهولية المصدر، الذي يُكتفى بوصفه بمسؤول أو مصدر دبلوماسي على نحوٍ يبعث على المصداقية والغموض في آنٍ معاً، تتكشف فجوة لافتة بين مضمون الخبر والوقائع التي يُفترض أنه يستند إليها، وهي فجوة لا يمكن قراءتها بوصفها حادثة معزولة،  لأنها تتكرر في أمثلة متقاربة زمناً ومنهجاً.

ولا شكّ أن خطورة ذلك تتعاظم مع قيام جهاتٍ إعلامية، عربية وغير عربية، بنقل هذه الأخبار في وسطنا الإعلامي المتسارع لتنتشر انتشاراً متسارعاً، وطبعاً لا يرافق ذلك انتشار النفي أو التصحيح. 

فهل تمثّل هذه الأخبار والتقارير هفوات مهنية طبيعية، أم أنّها تعبّر عن رغبة في تمرير رسائل والوصول لغايات سياسية ولو على حساب المصداقية؟