دير الزور: هشاشة أمنية متصاعدة في الذكرى الأولى للتحرير

الوقت اللازم للقراءة:
3 minsمع اقتراب الذكرى السنوية الأولى للتحرير، لا تزال محافظة دير الزور تعيش أوضاعاً أمنية متردّية تُضاف إلى المشكلات العديدة التي تُثقِل كاهل المنطقة. ويبقى الهاجس الأمني هو المسيطر والمصدر الرئيسي لقلق السكان.
على الأرض، لا يمرُّ شهر دون أن تتعرّض المراكز الأمنية والقوات الحكومية لاستهدافات متواصلة، وقد وصلت بعض هذه الهجمات إلى عمق المدن. شهد النصف الثاني من شهر تشرين الثاني المنصرم وبداية شهر تشرين الأول الجاري أربع هجمات دامية أسفرت عن مقتل وإصابة 21 عسكرياً.
كان أحدث هذه الهجمات في الثاني من تشرين الثاني، حيث تعرّض مقر عسكري للفرقة (86) التابعة لوزارة الدفاع السورية في مدينة البوكمال شرقي دير الزور، قرب الحدود العراقية – السورية، لهجوم مُنسَّق. تمّ تنفيذ الهجوم بواسطة قنابل يدوية تلاها تفجير عبوة ناسفة بالتزامن عند مدخل المبنى، مما أدّى إلى إصابة عنصرين اثنين. وسبق ذلك هجوم مماثل بتاريخ 18 تشرين الأول طال المقر ذاته، وأدّى إلى إصابة طفل وعسكري، بالإضافة إلى تفجير سيارة عسكرية بـ “عبوة لاصقة”.
سُجل الهجوم الأعنف بتاريخ 16 تشرين الأول، حيث راح ضحيته خمسة عسكريين وأُصيب 12 آخرون من حراس المنشآت النفطية. وقع الحادث إثر انفجار عبوة ناسفة استهدفت حافلة كانت تُقِلُّهم على طريق دير الزور – الميادين شرقي المحافظة، قرب بلدة سعلو. سبقت ذلك حادثة مماثلة في الشهر ذاته، حيث انفجرت عبوة ناسفة بسيارة تُقِلُّ عناصر من قوات وزارة الدفاع السورية قرب قرية الطوب بريف دير الزور الشرقي، واقتصرت الأضرار حينها على الجانب المادي. تُسجَّل هذه العمليات ضد “مجهول”، وتتعدّد أصابع الاتهام بحسب السكان: فمنهم من يُحَمِّل المسؤولية لخلايا داعش، وآخرون يتهمون قسد، وقسم آخر يتهم فلول نظام الأسد. لا تقتصر العمليات على استهداف العسكريين والقوى الأمنية فحسب، بل سُجِّلت حالات سطو مسلح على الطريق العام الواصل بين دير الزور والميادين.
بالإضافة لتواصل تفشّي ظاهرة السرقة منذ التحرير في عموم المحافظة. وقد ناشد ناشطون من دير الزور وزارة الداخلية السورية بذل جهدٍ أكبر لضبط الوضع الأمني في المحافظة، خاصة في ظل توارد أنباء عن عمليات إفراج عن العشرات من عناصر نظام الأسد من سجون مديرية الأمن في دير الزور.
يضع الموقع الجغرافي لدير الزور المحافظة وأهلها فوق فوهة بركان فعلياً، فهي تجاور ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية في العراق. هذه الميليشيات التي لم يتوقّف نشاط شبكاتها المرتبطة بعمليات تهريب السلاح والمخدرات من سوريا وإليها، كما أنها لا تزال تقوم بعمليات توغل قرب ريف البوكمال.
كان آخرها منتصف أيلول الماضي، عندما سرق عناصر من ميليشيا الحشد قطيع أغنام لرعاة من البوكمال، تلاها في الشهر ذاته اعتقال رعاة أغنام في الداخل السوري لساعات من منطقة البوكمال.
لعل الخطر الآخر الذي يثير القلاقل في المحافظة هو وجود قسد في النصف الآخر من المحافظة، إذ لا تتوقّف المناوشات بين ضفتي نهر الفرات، بين القوات الحكومية وقسد، حيث تقوم الأخيرة أحياناً بعمليات قنص للمدنيين في الطرف الذي تسيطر عليه القوات الحكومية.
إنّ هذه الأخطار الخارجية المتعددة، بالتزامن مع هشاشة المنظومة العسكرية في المحافظة، تُؤدّي إلى تفاقم الأوضاع الأمنية التي زادت معاناة السكان أكثر، في منطقة مُصنَّفة منكوبة أصلاً وتفتقر لأدنى الخدمات.

