رصاص بلا توقيع وقتلى بلا قاتل

الوقت اللازم للقراءة:
1 minsفي مدينة عدرا بريف دمشق، عُثر على الشاب موفق هارون مقتولاً داخل سيارته. رصاصة غدر أنهت حياة المجاهد السابق الذي شارك في معارك الغوطة ضد نظام الأسد.
ولم تكن حادثة عدرا استثناءً؛ فمنذ مطلع 2025 تتوالى أنباء اغتيالات تطال مدنيين وثوارا سابقين في مختلف المحافظات السورية:
في إدلب، قُتِلَ المدرب العسكري صدام الحميدي في وضح النهار، وتعرّض رفيقه أبو سعيد رأس الحصن لمحاولة اغتيال بعده بساعات. وفي درعا، اغتيل الدبلوماسي المنشق نور الدين اللباد داخل منزله بعد أسبوعين فقط من عودته من المنفى، فيما اغتيلَ الناشط الإعلامي عبد الرحمن الحريري في كمين مسلح أثناء عودته إلى بلدته. وقائمة الضحايا تطول، كما توثّق جهات مختلفة مثل الشبكة السورية لحقوق الإنسان وغيرها، في نمطٍ يكشف تكرار الطريقة وتعدد الجغرافيا وتقاطع الغايات.
ولا يستقيم التعامل مع هذه الحوادث بمعزلٍ عن بعضها البعض، دون الأخذ بالحسبان أنها تشكّل معاً نسقاً مقلقاً يزعزع الأمن العام و يُؤجَّل الاستقرار السياسي كلّما طال الفاصل بين الجريمة وكشف الفاعل؛ وهنا بالذات تنمو دوافع الثأر وتُستثار شهيّة مَن يريد جرّ البلاد إلى الفوضى.
قبل الإعمار والاقتصاد، ملفّ الاغتيالات وهشاشة الأمن هو الاختبار الأول للحكومة الحالية. فأجهزة الدولة، على ما بذلته حتى الآن في هذا الملف مما يستحق الإشادة، تبقى محاسبةً على قدرتها على حماية الناس في أمنهم وأرزاقهم ودمائهم. وكل حديث دون ذلك عن بناء دولة هو بناءٌ على رمال متحرّكة.وانطلاقاً من هذا الواقع، يصبح ترتيب الأولويات بدهيّاً: قبل الإعمار ووعود الرفاه، يُختَبَر العقد الاجتماعي في وظيفته الأولى:حفظ الأنفس، إذ لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق.
